top of page
بحث

لماذا أمة محمد أهل كتاب؟


لماذا أمة محمد أهل كتاب ؟


الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله،


أما بعد،


فقد ميز الله تعالى هذه الأمة بشهادة أن أمة محمد أهل كتاب ، و معناها ، أن الفرق الضالة المنتسبة للإسلام من الذين كفروا من أهل الكتاب، و الأمة الموصوفة بالإيمان في كتاب الله و الظاهرون على الحق في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هم جماعة المسلمين، رسول الله، و الخلفاء الراشدون، و الصحابة المبشرون، والأئمة المهديون، والذين استنوا بسنتهم و اهتدوا بهديهم و اتبعوا سبيلهم، بإحسان إلى يوم الدين، رضي الله عنهم و رضوا عنه، و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا، ذلك الفوز العظيم.


يقول الله تعالى : " أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىٰ طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ . أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَىٰ مِنْهُمْ ۚ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ ۚ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا ۗ سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ ".


( أن تقولوا ) أي لكي لا تقولوا.

لألا تقولو أن أهل الكتاب هم اليهود و النصارى فقط !!!


و يقول سبحانه : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ . وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ " ؛


ثم يقول : " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۖ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ".


وما أنزل إليكم من ربكم، يعني القرآن. و المخاطب من ؟ هم أهل الكتاب " قل يا أهل الكتاب" يعني القرأن أنزل إلى أهل الكتاب. وأمة محمد أنزل إليها القرآن وهي من أهل الكتاب المخاطبين بالآية، كما قال سبحانه للرسول صلى الله عليه وسلم " ما أنزل إليك من ربك ".


وإذا كان الخطاب هنا مخصوص باليهود و النصارى لكونهم لم يقيموا التوراة و الإنجيل و القرآن، و المؤمنون قد أقاموا ما أنزل إليهم من ربهم ، فإن العبرة بعموم اللفظ و ليست بخصوص السبب، فإن القرآن صالح إلى آخر يوم في الدنيا، ففي زمننا هذا الخطاب موجه لطوائف اليهود و النصارى و الصابئين المنتسبين للإسلام والسنة. مع أن المقصود بقول ربنا جل و علا " لستم على شيء حتى تقيموا التوراة و الانجيل و ما انزل اليكم من ربكم " ليس بالضرورة ان كل المخاطبين لم يقيموا كتب الله، ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "  لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا " و ليس معناه أن المخاطبين لم يومنوا و لم يتحابوا.


وأيضا، قال الله عز وجل : " كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ".


ثم قال " لَيْسُوا سَوَاءً ۗ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ . يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ "


أنظر إلى وصف الله عز وجل لخير أمة أخرت للناس في الآية الأولى ١١٠ من آل عمران و أنظر لوصف الأمة القائمة من أهل الكتاب في الآية الثانية ١١٤ من آل عمران. لقد اتفق وصفها في الآيتين بالإيمان بالله، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. فلو كان أهل الكتاب هم اليهود و النصارى فقط، و اليهود و النصارى كلهم كفار، فمن هي الأمة القائمة الموصوفة بوصف الإيمان و بأنها من أهل الكتاب ؟ و هل وصف الله في القرآن أمة غير المسلمين بأنها مؤمنة ؟ فإن كانت هاته الأمة موصوفة بالإيمان و موصوفة بكونها من أهل الكتاب، فهذا يعني أن المسلمين من أهل الكتاب.


و في الحديث، بسند صحيح عن نيار بن مكرم قال :


لما نزلت الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ فَكانت فارسُ يومَ نزلت هذِهِ الآيةُ قاهرينَ للرُّومِ وَكانَ المسلمونَ يحبُّونَ ظُهورَ الرُّومِ عليْهم لأنَّهم وإيَّاهم أَهلُ كتابٍ وفي ذلِكَ قولُ اللَّهِ تعالى وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ وكانت قريشٌ تحبُّ ظُهورَ فارسَ لأنَّهم وإيَّاهم ليسوا بأَهلِ كتابٍ ولاَ إيمانٍ ببعثٍ


وقد خاطب الله تعالى أهل الكتاب فقال :


يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ


يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ


قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَىٰ مَا تَعْمَلُونَ


قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ


قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ


وفي هاته الآيات خطاب مخصص للذين كفروا من أهل الكتاب، و ما يخصصه هو سياق الكلام. " لم تكفرون " " لم تصدون " " لم تلبسون " " تكتمون " " تنقمون " ، فهو خطاب لأهل الكتاب الكافرين الصادين، الملبسين، الكاتمين، الناقمين.


فأهل الكتاب فريقان، فريق في الجنة و فريق في السعير. أمة مقتصدة ، و كثير منهم ساء ما يعملون. منهم المؤمنون و أكثرهم الفاسقون.


يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ


و قد خص الله تعالى الذين كفروا من أهل الكتاب في مواضع من كلامه ، فقال سبحانه :


مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ


وقال :


إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ



يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَىٰ فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ ۖ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ


قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ


و لا إشكال في أن يأمر الله تعالى نبيه و المسلمين بخطاب أهل الكتاب و إن كانوا هم أنفسهم أهل كتاب، و مثال ذلك قوله تعالى " قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " فالرسول صلى الله عليه وسلم و المؤمنون مأمورون أن يقولوا للمؤمنين، و هم أنفسهم مؤمنون.



يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا


فهذه من الآيات جاء التي فيها ذكر أهل الكتاب ، بعضا ينص على تخصيص أهل الذين كفروا من عموم أهل الكتاب، وهم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود و النصارى، و في زمننا هذا دخل في مسماهم المنتسبون للإسلام غير جماعة المسلمين، و بعضها من العام الذي يراد به خاص وهم الكفار دون مؤمني اهل الكتاب، و البعض منها عام يراد به خاص لانه نزل في طائفة واحدة من أهل الكتاب وان كان لفظه عام في جميع أهل الكتاب وحكمه لازم للجميع.


وقد أشكل على البعض عطف ما أنزل إلينا و هو القرآن على ما أنزل إلى أهل الكتاب ظنا منهم أن العطف يقتضي المغايرة، و إن كان المؤمنون من أهل الكتاب لا يصح عطف ما أنزل إلى المؤمنين على ما أنزل إلى أهل الكتاب، لأنه تكرار، كما في قوله تعالى :


وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ


بينما هذا عطف بين العام و الخاص، و لا إشكال فيه كما توهمه المتوهمون. فقد قال الله سبحانه " أقيموا الصلوات و الصلاة الوسطى " وقال " الذين آمنوا و عملوا الصالحات " فعطف الصلاة الوسطى على الصلواة، مع أن الصلاة الوسطى من جملة الصلوات ، و عطف العمل الصالح على الإيمان، مع أن العمل الصالح من الإيمان.


....


أيها الناس،


لقد أمر الله تعالى المؤمنين بالإجتماع على الحق فقال " إعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا " و بين ما عليهم فعله لكي لا يتفرقوا ، فقال " و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ". لذلك فالفرقة نتيجة حتمية لا مفر منها لمن ابتدع في الدين ، و لا يجوز مطالبة جماعة المسلمين بترك الحق الذي هم عليه لأجل الإجتماع مع أهل البدع و الضلال، فإنما فرض علينا الله تعالى الإجتماع مع أهل الحق، فإن خالف أهل الأرض كلهم الحق ، وجب فراقهم و البراءة منهم جميعا و لو فعلت ذلك لكنت على الحق و كنت أنت هو الجماعة.


و هذا موسى عليه السلام " قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا . ألا تتبعن أفعصيت أمري . قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت ببن بني إسرائيل ولم ترقب قولي ".


فالواجب على من رأى قوما ضلوا ، أن ينكر عليهم ، فإن انتهوا و إلا هجرهم، و إن كانوا منتسبين إلى الإسلام، كما كان بنو إسرائيل منتسبين للإسلام، و كانوا مع الجماعة ثم كفروا لما عبدوا العجل جاهلين متأولين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا : " قالوا هذا إلهكم و إله موسى ".


وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يكون في أمته كفار ضالون مبدلون يجب مفارقتهم و البراءة منهم. فعن النبي - صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) رواه البخاري وقال ( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) رواه مسلم و قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ، فَأَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي ، فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا ، سُحْقًا ، لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدِي ) رواه البخاري ومسلم


لذا ، يا جماعة الخير ، فإن الداخل في الإسلام، لا بد له مع نطق الشهادتين، أن يشهد بأن أمة محمد أهل كتاب، فيتميز بذلك أهل الجماعة عن باقي الفرق الناطقة بالشهادتين ، وتكون علامة على السمع و الطاعة للإمام. فإن الله تعالى يقول " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم ". فشهادة أن لا إله إلا الله، إقرار بوجوب طاعة الله و عبادته وحده دون شريك، و شهادة أن محمد رسول الله، إقرار بنبوته صلى الله عليه وسلم و وجوب طاعته، و شهادة أن أمة محمد أهل كتاب، إقرار بمنهج جماعة المسلمين و ووجوب طاعة الإمام، الذي أمر أهل الجماعة بشهادة أن أمة محمد أهل كتاب.


يقول الله عز وجل " إلا من شهد بالحق وهم يعلمون " و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ) . رواه البخاري


وشروط " شهادة أن لا إله إلا الله " سبعة شروط ، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها ؛ وهي على سبيل الإجمال ‏:‏ 

الأول‏ :‏ العلم المنافي للجهل‏ ، الثاني ‏:‏ اليقين المنافي للشك‏ ، الثالث‏ :‏ القبول المنافي للرد ‏،‏ الرابع ‏:‏ الانقيادُ المنافي للإعتراض‏ ، الخامس‏ :‏ الإخلاص المنافي للشرك‏ ،‏ السادس‏ :‏ الصدق المنافي للكذب ‏، السابع ‏:‏ المحبة المنافية لضدها ، وهو البغضاء‏ .‏ 


فهذه الشروط كيف يمكن تحقيقها من الجانب العملي ؟ من الجانب العملي، فإن الإمام هو الذي يبين معنى الشهادتين و يحذر مما يناقضها من الشرك و الجهل ، و الداخل إلى الإسلام يبرهن على حبه و صدقه بالإنقياد لأمر الله وبلزوم جماعة المسلمين، و أن لا يعترض على شرع الله. و يعلم أنه من أطاع الرسول فقد أطاع الله، و من أطاع الإمام فقد أطاع الله ورسوله.


ثم، إن الذين تركوا الدين و بدلوه و آمنوا ببعض و كفروا ببعض هم الملومون، فهم الذين فرقوا دينهم و لم يعتصموا بحبل الله. فماذا عليهم لو آمنوا و اجتمعوا معنا على الحق ؟ " فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ " ما داموا لا يتبرأون من الدستور الكفري الطاغوتي الذي يحكمهم و يأمرهم و ينهاهم و هم له منقادون متبعون خاضعون !!


إلى متى لا يتبرأون من دستور يحل الكفر ويقر عبادة القبور فضلا عن المحرمات و الفواحش !!؟؟ إلى متى يتشدقون بالكفر المسمى دمقراطية ؟؟ الذي يعطي الحكم للناس ، و الذي أصبح أمنية صعبة المنال عند أكثرهم !! فأصبحوا ينكرون ما خالف الدمقراطية و يأمرون بما أمرت به الدمقراطية، و يجاهدون في سبيل الدمقراطية، و يهاجرون إلى دار الدمقراطية !!


لو كانت الديموقراطية حقا، لما أنكر لوط عليه السلام على قومه عمل الفاحشة، و لأقرهم عليها ما داموا اختاروها بطريقة ديمقراطية ! و أجمعوا عليها ! و لكنه أمرهم بطاعة الله في جميع الأمور ، و قال لهم " أليس منكم رجل رشيد " فاجتماعهم على شيء ، لا يعني أنه أمر رشيد، إلا إذا اجتمعوا على طاعة الله و طاعة رسوله و إمام المسلمين. وقوم لوط الذين اختاروا الفاحشة بطريقة ديمقراطية ، فقد كان مصيرهم الهلاك و الدمار و العذاب في الدنيا و الآخرة.


فالتشريع والحكم حق خالص لله لا يشترك فيه معه أحد " و لا يشرك في حكمه أحدا " " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " " و من يتولهم منكم فإنه منهم " " و أن الله بريء من المشركين و رسوله " " وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا . كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم و ما هم بخارجين من النار ". فإما البراءة من الطاغوت و إما إتباعه و الإيمان به.


" فمن يكفر بالطاغوت و يومن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى " والبراءة من الطاغوت تكون بهجره و الكفر به ومعصيته وترك اتباع شرعه وتكفير عابديه وبغضهم في الله، و الإيمان بالله يكون بشهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن أمة محمد أهل كتاب، بلزوم جماعة المسلمين و إمامهم، و كما أن المؤمن لا يكون مؤمنا بالله حتى يكفر بالطاغوت، فإن الكافر بالطاغوت لا يكون كافرا بالطاغوت حتى يؤمن بالله ويوالي المؤمنين.


و من لم يكن مع جماعة المسلمين، فإنه متابع للفرق الضالة، الحاكمين بغير ما أنزل الله، ولا تجوز الصلاة معهم فمن صلى خلفهم بمحض إرادته فإنه منهم، إلا من كان يكتم إيمانه فيعيد الصلاة.


إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.




المستقوي بالله

جماعة المسلمين



 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
التدريس العتيق

السؤال: نحن بصدد إفتتاح التسجيل بالباك الحر هذا الموسم، ما رأيكم بفكرة للأعضاء بأن يترشحو لدراسة مسلك التعليم الأصيل شعبة العلوم الشرعية كي ندرس الفقه الإسلامي. الإجابة: الحمد لله وبعد، مأجور إن شاء

 
 
 
الجهمية المعاصرون

لماذا نقول عنهم جهمية؟ الحمد لله وبعد، نقول عنهم جهمية لأنهم وافقوا قول الجهمية في مسألة الإيمان، كيف ذلك؟ من المعلوم أن الأقوال في تعريف الإيمان ثلاثة، قول أهل السنة والجماعة، قول المرجئة وقول الجهمي

 
 
 
هل نحن خوارج؟

بسم الله الرحمن الرحيم، يوجد عدة فروق بين جماعة المسلمين والخوارج : ١. جماعة المسلمين لا تكفر صاحب الكبيرة فيما دون الشرك والخوارج يكفرون العاصي صاحب الكبيرة. ٢. جماعة المسلمين لم تخرج على إمام المسلم

 
 
 

تعليقات


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • Telegram
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page