top of page
بحث

شبهة رضاع الكبير

الرد على شبهة رضاع الكبير


السؤال:


السلام عليكم ورحمة الله ياإمام

هناك حديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما، وفي رواية مسلم عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "أنَّ سَهْلَةَ بنْتَ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو جَاءَتِ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ سَالِمًا، لِسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، معنَا في بَيْتِنَا. وَقَدْ بَلَغَ ما يَبْلُغُ الرِّجَالُ، وَعَلِمَ ما يَعْلَمُ الرِّجَالُ. قالَ: أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عليه. قالَ: فَمَكَثْتُ سَنَةً، أَوْ قَرِيبًا منها لا أُحَدِّثُ به وَهِبْتُهُ ثُمَّ لَقِيتُ القَاسِمَ فَقُلتُ له: لقَدْ حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا ما حَدَّثْتُهُ بَعْدُ. قالَ: فَما هُوَ؟ فأخْبَرْتُهُ قالَ فَحَدِّثْهُ عَنِّي، أنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْنِيهِ".[١]


فهذا الحديث أصبح يستدل به كل من يعادي الإسلام ، أو يريد أن يطعن في صحيح البخاري و يطرحه كشبهة للتشكيك فيه و يقولون مثلا كيف يرضى الإنسان أن ترضع زوجته رجل كبير أجنبي هذا لا يقبله عقل و لا منطق حتى و لو كان من الأقارب.؟

و هناك من يستهزء و يقول متعجبا إذا كان مثلا معي زميلة في العمل ، فترضعني من لبنها فأصبح من محارمها و الله المستعان. ؟!


و الله تعالى يقول : { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ }

كيف نجمع هذا الحديث في صحيح مسلم الذي يقول بإجازة رضاعة الكبير حتى تحرم عليه ، مع هذه الآية التي تقول أن الرضاعة هي حولين فقط التي يتم فيها التحريم ؟




الجواب:


بسم الله الرحمن الرحيم،


خلاصة الجواب وبالله التوفيق ان تلك الرضاعة كانت خاصة لسالم، وان عائشة رضي الله عنها اخطأت في اجتهادها وليست معصومة، وانها كانت تأمر اختها وبنات اخيها يرضعن من أرادته ان يدخل عليها، والكبير هو الذي جاوز عامين، والغالب ان امر عائشة رضي الله عنها كان فيمن لم يبلغ سن التكليف. والذي لا شك فيه ان كشف العورة محرم والرضاع الذي اجازته يكون بغير لمس الثدي او كشف العورة، بل يكون بعصر الحليب في الإناء ويشربه الغلام.



النص الأول :


مختصر المزني

مختصر ما يحرم من الرَّضاع


من كتاب الرضاع، ومن كتاب النكاح، ومن أحكام القرآن قال الشافعي: قال الله عز وجل فيمن حُرِّمَ مِنْ القَرابةِ: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة} [النساء: ٢٣]، وقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضاعِ ما يَحْرُمُ مِنْ الوِلادَةِ»، قال الشافعي: نَفْسُ السُّنَّةِ: أنّ لَبَنَ الفَحْلِ يُحَرِّمُ كما تُحَرِّمُ وِلادَةُ الأبِ، وسُئِلَ ابنُ عبّاسٍ عن رَجُلٍ كانَتْ له امْرأتان، فأرْضَعَتْ إحْداهُما غُلامًا والأخْرَى جارِيَةً، فهَلْ يَتَزَوَّجُ الغُلامُ الجارِيَةَ؟ فقال: «لا، اللِّقاحُ واحدٌ»، وقال مِثْلَه عطاءٌ وطاوسٌ، قال الشافعي: فبهذا كُلِّه أقولُ، فكُلُّ ما حَرُمَ بالوِلادَةِ وبِسَبَبِها حَرُمَ بالرَّضاعِ وكان به مِنْ ذَوِي المحارِمِ.


والرَّضاعُ اسْمٌ جامعٌ، يَقَعُ على المصَّةِ وأكْثَرَ إلى كَمالِ الحَوْلَيْن، وعلى كُلِّ رَضاعٍ بعد الحوْلَيْن، فوَجَبَ طَلَبُ الدَّلالَةِ في ذلك.

وقالَتْ عائشةُ: «كان فيما أنْزَلَ اللهُ في القُرآنِ عَشْرُ رَضَعاتٍ مَعْلُوماتٍ تُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بخَمْسٍ مَعْلُوماتٍ، فتُوُفِّيَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وهُنَّ ممّا يُقْرَأ مِنْ القرآنِ»، فكان لا يَدْخُلُ عليها إلّا مَنْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ رَضَعاتٍ، وعن ابْنِ الزبير قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تُحَرِّمُ المصَّةُ ولا المصَّتانِ، ولا الرَّضْعَةُ ولا الرَّضْعَتان».

قال المزني: قُلْتُ للشّافعيِّ: أسَمِعَ ابنُ الزبير مِنْ النبيِّ؟ فقال: نعم، وحَفِظَ عنه، وكان يَوْمَ تُوُفِّيَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ابْنَ تِسْعِ سِنين.

وعن عُرْوَةَ أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أمَرَ امْرَأةَ أبي حُذَيْفَةَ أن تُرْضِعَ سالمًا خَمْسَ رَضَعاتٍ فيَحْرُمُ بهنّ، قال: فدَلَّ ما وَصَفْتُ أنّ الذي يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضاعِ خَمْسُ رَضَعاتٍ؛ كما جاء القرآنُ بقَطْعِ السّارِقِ، فدَلَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه أراد بَعْضَ السّارِقِين دُونَ بَعْضٍ، وكذلك أنَّ المرادَ بمائةِ جَلْدَةٍ بَعْضُ الزُّناةِ دُون بَعْضٍ، لا مَنْ لَزِمَه اسْمُ سَرِقَةٍ وزِنًا.

كذلك أبان أنّ المرادَ بتَحْرِيمِ الرَّضاعِ بَعْضُ المرْضِعِينَ دُونَ بَعْضٍ، واحْتَجَّ فيما قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لسَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلٍ - لمّا قالَتْ: كُنّا نَرَى سالِمًا وَلَدًا، وكان يَدْخُلُ عَلَيَّ وأنا فُضُلٌ، وليس لنا إلّا بَيْتٌ واحدٌ، فماذا تأمُرُني؟ - فقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- فيما بَلَغَنا: «أرْضِعِيه خمْسَ رَضَعاتٍ»، فيَحْرُمُ بلَبَنِها، ففَعَلَتْ، فكانَتْ تَراه ابْنًا مِنْ الرَّضاعَةِ، فأخَذَتْ بذلك عائشةُ فيمَن أحَبَّتْ أن يَدْخُلَ عليها مِنْ الرِّجالِ، وأبَى سائرُ أزْواجِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أن يَدْخُلَ علَيْهِنّ بتلك الرَّضاعَةِ أحَدٌ مِنْ الناسِ، وقُلْنَ: ما نَرَى الذي أمَرَ به رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلّا رُخْصَةً في سالمٍ وَحْدَه، ورَوَى الشافعيُّ أنّ أمَّ سَلمَةَ قالَتْ في الحديث: «هو لسالمٍ خاصَّةً»، قال الشافعي: وإذا كان خاصًّا فالخاصُّ مُخْرَجٌ مِنْ العامِّ، والدَّليلُ على ذلك قولُ الله عز وجل: {حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة: ٢٣٣]، فجَعَلَ الحَوْلَيْن غايَةً، وما جُعِلَ له غايَةٌ فالحُكْمُ بعد مُضِيِّ الغايَةِ خِلافُ الحكْمِ قَبْلَ الغايَةِ؛ كقوله: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: ٢٢٨]، فإذا مَضَت الأقْراءُ فحُكْمُهُنَّ بعد مُضِيِّها خلافُ حُكْمِهِنّ فيها 


قال المزني: وفي ذلك دَلالةٌ عندي على نَفْيِ الوَلَدِ لأكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ بتأقِيتِ حمْلِه وفِصالِه ثلاثين شَهْرًا؛ كما نَفَى تَوْقِيتُ الحوْلَيْن الرَّضاعَ لأكْثَرَ مِنْ حَوْلَيْن.

قال الشافعي: وكان عمرُ لا يَرَى رَضاعَ الكبيرِ يُحَرِّمُ، وابنُ مسعودٍ وابنُ عمرَ، قال: وقال أبو هريرة: «لا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضاعِ إلّا ما فَتَقَ الأمْعاءَ».

قال الشافعي: فلا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضاعِ إلّا خمْسُ رَضَعاتٍ مُتَفَرِّقاتٍ، كُلُّهُنَّ في الحوْلَيْن



النص الثاني:


الإمام الشافعي

كتاب الأم

رَضَاعَةُ الْكَبِيرِ


(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ كَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى سَالِمًا الَّذِي يُقَالُ لَهُ سَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَأَنْكَحَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ ابْنَهُ فَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ فَاطِمَةَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنْ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَفْضَلِ أَيَامَى قُرَيْشٍ «فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} رَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ مَنْ تَبَنَّى إلَى أَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَبَاهُ رَدَّهُ إلَى الْمَوْلَى فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ وَأَنَا فُضُلٌ وَلَيْسَ لَنَا إلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَمَاذَا تَرَى فِي شَأْنِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا بَلَغَنَا أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَيَحْرُمُ بِلَبَنِهَا فَفَعَلَتْ فَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا مِنْ الرَّضَاعَةِ فَأَخَذَتْ عَائِشَةُ بِذَلِكَ فِيمَنْ كَانَتْ تُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرِّجَالِ فَكَانَتْ تَأْمُرُ أُخْتَهَا أُمَّ كُلْثُومٍ وَبَنَاتِ أَخِيهَا يُرْضِعْنَ لَهَا مَنْ أَحَبَّتْ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَأَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَقُلْنَ مَا نَرَى الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ إلَّا رُخْصَةً فِي سَالِمٍ وَحْدَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَدْخُلُ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ أَحَدٌ» فَعَلَى هَذَا مِنْ الْخَبَرِ كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فِي سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ خَاصَّةً (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى مَا وَصَفْت (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَذَكَرْت حَدِيثَ سَالِمٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَرَ امْرَأَةَ أَبِي حُذَيْفَةَ أَنْ تُرْضِعَهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِهِنَّ»، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَالِمٍ خَاصَّةً وَإِذَا كَانَ هَذَا لِسَالِمٍ خَاصَّةً فَالْخَاصُّ لَا يَكُونُ إلَّا مُخْرَجًا مِنْ حُكْمِ الْعَامِّ وَإِذَا كَانَ مُخْرَجًا مِنْ حُكْمِ الْعَامِّ فَالْخَاصُّ غَيْرُ الْعَامِّ وَلَا يَجُوزُ فِي الْعَامِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَضَاعُ الْكَبِيرِ لَا يُحَرِّمُ وَلَا بُدَّ إذَا اخْتَلَفَ الرَّضَاعُ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ طَلَبِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي إذَا صَارَ إلَيْهِ الْمُرْضِعُ فَأَرْضَعَ لَمْ يَحْرُمْ.


(قَالَ): وَالدَّلَالَةُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَوْجُودَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} فَجَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَمَامَ الرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ. وَقَالَ {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إرْخَاصَهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي فِصَالِ الْحَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى فِصَالِهِ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِلْمَوْلُودِ مِنْ وَالِدَيْهِ أَنْ يَكُونَا يَرَيَانِ أَنَّ فِصَالَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ إتْمَامِ الرَّضَاعِ لَهُ لِعِلَّةٍ تَكُونُ بِهِ أَوْ بِمُرْضِعَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ رَضَاعَ غَيْرِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا. وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ غَايَةً بِالْحُكْمِ بَعْدَ مُضِيِّ الْغَايَةِ فِيهِ غَيْرَهُ قَبْلَ مُضِيِّهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَمَا ذَلِكَ؟ قِيلَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} الْآيَةُ فَكَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا مُسَافِرِينَ وَكَانَ فِي شَرْطِ الْقَصْرِ لَهُمْ بِحَالٍ مَوْصُوفَةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُمْ فِي غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ غَيْرُ الْقَصْرِ. وَقَالَ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فَكُنَّ إذَا مَضَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَقْرَاءُ فَحُكْمُهُنَّ بَعْدَ مُضِيِّهَا غَيْرُ حُكْمِهِنَّ فِيهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ قَالَ عُرْوَةُ قَالَ غَيْرُ عَائِشَةَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا نَرَى هَذَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا رُخْصَةً فِي سَالِمٍ. قِيلَ: فَقَوْلُ عُرْوَةَ عَنْ جَمَاعَةِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرِ عَائِشَةَ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّهَا أَنَّ ذَلِكَ رُخْصَةٌ مَعَ قَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْحَدِيثِ هُوَ خَاصَّةً وَزِيَادَةُ قَوْلِ غَيْرِهَا مَا نَرَاهُ إلَّا رُخْصَةً مَعَ مَا وَصَفْت مِنْ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ وَإِنِّي قَدْ حَفِظْت عَنْ عِدَّةٍ مِمَّنْ لَقِيت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَضَاعَ سَالِمٍ خَاصٌّ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ فِي هَذَا خَبَرٌ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا قُلْت فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ؟ قِيلَ نَعَمْ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ عِنْدَ دَارِ الْقَضَاءِ يَسْأَلُهُ عَنْ رَضَاعَةِ الْكَبِيرِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ كَانَتْ لِي وَلِيدَةٌ فَكُنْت أَطَؤُهَا فَعَمَدَتْ امْرَأَتِي إلَيْهَا فَأَرْضَعَتْهَا فَدَخَلْت عَلَيْهَا فَقَالَتْ دُونَك فَقَدْ وَاَللَّهِ أَرْضَعْتهَا. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَوْجِعْهَا وَائْتَ جَارِيَتَك فَإِنَّمَا الرَّضَاعُ رَضَاعُ الصَّغِيرِ. أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَا رَضَاعَ إلَّا لِمَنْ أَرْضَعَ فِي الصِّغَرِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ رَضَاعَةُ الْكَبِيرِ مَا أَرَاهَا إلَّا تُحَرِّمُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ اُنْظُرْ مَا يُفْتِي بِهِ الرَّجُلُ فَقَالَ أَبُو مُوسَى فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ فَقَالَ لَا رَضَاعَةَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَقَالَ أَبُو مُوسَى لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا كَانَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَجِمَاعُ فَرْقِ مَا بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ أَنْ يَكُونَ الرَّضَاعُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِذَا أُرْضِعَ الْمَوْلُودُ فِي الْحَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ كَمَا وَصَفْت فَقَدْ كَمُلَ رَضَاعُهُ الَّذِي يُحَرِّمُ


(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ أُرْضِعَ الْمَوْلُودُ أَقَلَّ مِنْ حَوْلَيْنِ ثُمَّ قُطِعَ رَضَاعُهُ ثُمَّ أُرْضِعَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَوْ كَانَ رَضَاعُهُ مُتَتَابِعًا حَتَّى أَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فِي الْحَوْلَيْنِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ وَلَوْ تُوبِعَ رَضَاعُهُ فَلَمْ يُفْصَلْ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ أَوْ حَوْلَيْنِ أَوْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَأُرْضِعَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ الرَّضَاعُ شَيْئًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَلَوْ أُرْضِعَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ وَبَعْدَ الْحَوْلَيْنِ الْخَامِسَةَ وَأَكْثَرَ لَمْ يُحَرِّمْ وَلَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا تَمَّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا يُحَرِّمُ الرَّضَاعُ وَالْوَجُورُ، وَإِنْ خُلِطَ لِلْمَوْلُودِ لَبَنٌ فِي طَعَامٍ فَيَطْعَمُهُ كَانَ اللَّبَنُ الْأَغْلَبَ أَوْ الطَّعَامُ إذَا وَصَلَ اللَّبَنُ إلَى جَوْفِهِ وَسَوَاءٌ شِيبَ لَهُ اللَّبَنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ فَهُوَ كُلُّهُ كَالرَّضَاعِ وَلَوْ جُبِّنَ لَهُ اللَّبَنُ فَأُطْعِمَ جُبْنًا كَانَ كَالرَّضَاعِ، وَكَذَلِكَ لَوْ استسعطه لِأَنَّ الرَّأْسَ جَوْفٌ وَلَوْ حقنه كَانَ فِي الْحُقْنَةِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ جَوْفٌ وَذَلِكَ أَنَّهَا تُفْطِرُ الصَّائِمَ لَوْ احْتَقَنَ، وَالْآخَرُ أَنَّ مَا وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ كَمَا وَصَلَ إلَى الْمَعِدَةِ لِأَنَّهُ يُغْتَذَى مِنْ الْمَعِدَةِ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الْحُقْنَةُ.



وان شاء الله سأنشر الجواب لبيان الحق والرد على الشبهة ونصر دعوة الحق.



اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد

 
 
 

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
التدريس العتيق

السؤال: نحن بصدد إفتتاح التسجيل بالباك الحر هذا الموسم، ما رأيكم بفكرة للأعضاء بأن يترشحو لدراسة مسلك التعليم الأصيل شعبة العلوم الشرعية كي ندرس الفقه الإسلامي. الإجابة: الحمد لله وبعد، مأجور إن شاء

 
 
 
الجهمية المعاصرون

لماذا نقول عنهم جهمية؟ الحمد لله وبعد، نقول عنهم جهمية لأنهم وافقوا قول الجهمية في مسألة الإيمان، كيف ذلك؟ من المعلوم أن الأقوال في تعريف الإيمان ثلاثة، قول أهل السنة والجماعة، قول المرجئة وقول الجهمي

 
 
 
هل نحن خوارج؟

بسم الله الرحمن الرحيم، يوجد عدة فروق بين جماعة المسلمين والخوارج : ١. جماعة المسلمين لا تكفر صاحب الكبيرة فيما دون الشرك والخوارج يكفرون العاصي صاحب الكبيرة. ٢. جماعة المسلمين لم تخرج على إمام المسلم

 
 
 

تعليقات


جماعة المسلمين وإمامهم

البريد الإلكتروني: Imamabounacer@gmail.com

الهاتف : 00212661707896

  • بيعة الإسلام لله
  • جماعة المسلمين وإمامهم
  • Telegram
  • الصفحة الرسمية على فيسبوك
  • وتساب
bottom of page