رسالتنا إلى نتنياهو
- جماعة المسلمين وإمامهم

- 21 يوليو
- 4 دقيقة قراءة
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى رئيس وزراء دولة إسرائيل
_بنيامين نتنياهو_
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على جميع الأنبياء والمرسلين،
أما بعد،
فإن ما يجري اليوم في قطاع غزة من حصار وتجويع شامل شمل الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى، لا ينسجم لا مع العقل، ولا مع التوراة التي نزلت على موسى عليه السلام، ولا مع القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ولا مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
لقد جاءت الكتب المنزلة، من التوراة إلى الإنجيل إلى القرآن، بالدعوة إلى التوحيد، وتحريم الظلم، وتجريم القتل، وقبول التوبة، وعدم تحميل النساء والاطفال والشيوخ ما يتحمله المقاتلة. قُتلت امرأة في إحدى الغزوات، فأنكر النبي ﷺ ذلك وقال: "ما كانت هذه لتقاتل"، فكيف بأطفال يُحاصرون، ونساء تُجوّع، وشيوخ يُمنعون من الدواء؟
وإن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم، الذي بعثه الله بدين إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، كان يعيش في المدينة المنورة مع اليهود، ويتعامل معهم، ويقبل هديتهم، ويزور مريضهم، ويحاور علماءهم، ويأخذ الحق لمن ظلم منهم، وله غلام يهودي كان يخدمه، فلما مرض زاره ودعاه إلى التوحيد، فأسلم ومات على ذلك.
وأخبرت امرأة يهودية عائشة رضي الله عنها بعذاب القبر.
وكان الصحابي سلمان الفارسي عبدًا عند يهودي، ولم يمنع ذلك من إسلامه وعتقه ورفع منزلته.
وتضمنت وثيقة المدينة الحلف بين اليهود والمسلمين والدفاع المشترك عن المدينة المنورة ضد الاعتداء الخارجي.
وقد مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي.
وعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ : قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ : اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ. فَقَالَ صَاحِبُهُ : لَا تَقُلْ نَبِيٌّ، إِنَّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ . فَأَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَاهُ عَنْ تِسْعِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ، فَقَالَ لَهُمْ : " لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ، وَلَا تَسْحَرُوا، وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا، وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً، وَلَا تُوَلُّوا الْفِرَارَ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَعَلَيْكُمْ خَاصَّةً الْيَهُودَ أَنْ لَا تَعْتَدُوا فِي السَّبْتِ ". قَالَ : فَقَبَّلُوا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، فَقَالَا : نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ. قَالَ : " فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَتَّبِعُونِي ". قَالُوا : إِنَّ دَاوُدَ دَعَا رَبَّهُ أَنْ لَا يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ، وَإِنَّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ أَنْ تَقْتُلَنَا الْيَهُودُ. قال الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
إن هذا الصراع الذي يجري في غزة ليس صراعًا دينيًا بين أمة محمد وأمة موسى، بل هو صراع على أرض وحدود ونفوذ، وهو صراع لا يُمثّل الدين الحق في شيء، لا في أصوله ولا في مقاصده.
وما تفعله حركة "حماس" لا يُمثّل الإسلام، ولا يقوم على أصول صحيحة من الكتاب والسنة، وما قامت به في أكتوبر من العمليات ليس له سند من الدين المنزل، وإنما هو فهم خاطئ، أورث البلاء على أهل القطاع.
ونحن نرى – بعقل وعدل – أن الحل الحقيقي يبدأ بـ:
• تمييز النساء والاطفال والشيوخ في غزة عن أي جماعة مسلحة، وترك معاقبتهم جماعيًا.
• إتاحة الفرصة لكل مدني أن يكتب التزامًا واضحًا بالبراءة من العمل المسلح، والبراءة من تنظيم حماس، وتقديم الحماية لهم، وهذا الذي كان ينبغي عمله منذ سنوات وقبل بدء الحرب.
• أن تُسلِّم حماس سلاحها إلى جهة محايدة دولية أو حليفة، وأن تعتذر عن ما جرى علنًا، وتعلن تخليها عن العمل المسلح.
• أن يُفرق بين جماعة المسلمين وأمة محمد، كما يُفرق بين من رأى موسى وآمن به وبين فرق اليهود في هذا الزمان، فليس كل من قال عن نفسه "مسلم" هو متبع للقرآن، ولا كل من انتسب لموسى هو متبع للتوراة.
• أن توضع أسس جديدة للعلاقة بين أمة محمد وأمة موسى، على ضوء ما جاءت به الكتب المنزلة، وعلى ما قرره الأنبياء من توحيد وعدل ورحمة، لا على الأهواء القومية والدول الوطنية.
وإن مما زاد العداوة والدمار، هو الجهل بحقيقة الدين، وسوء الفهم، ونشر مفاهيم الوطنية بدل مفاهيم النبوة، وتحويل الصراع من مسألة شريعة إلى مسألة عرق وحدود. وقد آن الوقت لتصحيح هذه المفاهيم، وتعلم الناس كيف كانت سيرة نبيهم ﷺ مع اليهود، وتعلم اليهود كيف عاملهم محمد ﷺ حين كانوا في ذمته، وكيف كانت مواقف التعايش والعدل والأمان، وليس فقط الخلاف والنزاع.
ولا يخفى عليكم أن بني إسرائيل قد مرّوا بفترة طويلة من الاستضعاف والذل والاضطهاد في أرض مصر، قبل أن يُرسل الله إليهم موسى عليه السلام رسولًا ناصرًا ومبشرا ونذيرا، فقد عاشوا تحت ظلم فرعون الذي كان يستضعفهم، ويذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم، ويعاملهم معاملة القهر والإهانة، كما قال الله تعالى:
"إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا، يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ، يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ، وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ، إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ"
فهذه الأحداث وقعت قبل أن يُبعث موسى عليه السلام، ثم جاءهم موسى يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينقذهم من الذل والاستعباد، ويقيم فيهم الشريعة والعدل، ونجاكم الله من فرعون وطغيانه وقهره.
أفلا يليق اليوم أن يتذكّر بنو إسرائيل حالهم في ذلك الزمان؟ كيف كانوا مستضعفين لا حول لهم ولا قوة؟
أفلا يكون ذلك عبرةً تمنعهم من الوقوع فيما وقع فيه فرعون وجنوده؟
لقد ذكر الله تعالى بني إسرائيل في أربعين موضعا من القرآن فأدعوكم لقراءتها وتدبرها.
وختاما أذكركم بقوله تعالى، محذرا إياكم من غضبه وانتقامه:
مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
والسلام على من اتبع الهدى.
[المستقوي بالله]
[جماعة المسلمين]
[25 محرم 1447]


تعليقات