رسالتنا إلى حماس
- جماعة المسلمين وإمامهم

- 23 مايو
- 4 دقيقة قراءة
يا حماس، سلموا السلاح
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف نتكلم عن القواعد الشرعية التي تبين عدم انضباط عمل حماس، وتبين عدم مشروعية العمل المسلح الذي قامت به، وذلك مبني على عدة أمور ترجح المصالح، وأن الإسلام جاء بحفظ الدين، وحفظ الأنفس، وحفظ المال، والأعراض، وحفظ العقل.
فعندنا هنا: إذا كان هناك مفسدة بضياع الأنفس، فالواجب هو درء هذه المفسدة، وليس فتح الباب لحصولها.
أولًا: حال النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة
نحن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته لم يكن مأمورًا بالقتال، وإن كان المسلمون كان عندهم سلاح — سيوف، ورماح، وسهام — لكنهم لم يكونوا مأمورين بالقتال، بل مأمورين بالعفو والصفح والصبر والإعراض.
قال الله سبحانه وتعالى:
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوٓا۟ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ ﴾
[النساء: 77]
وهذا يدل على أن المسلمين كانوا مأمورين بكفّ الأيدي، وهم في مكة مستضعفون عند الكفار عبدة الأصنام المشركين.
﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
[الأنفال: 26]
قال تعالى:
﴿ خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَٰهِلِينَ ﴾
[الأعراف: 199]
﴿ وَٱلَّذِينَ إِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلْجَٰهِلُونَ قَالُوا۟ سَلَـٰمًا ﴾
[الفرقان: 63]
﴿ وَإِذَا سَمِعُوا۟ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُوا۟ عَنْهُ وَقَالُوا۟ لَنَآ أَعْمَٰلُنَا وَلَكُمْ أَعْمَٰلُكُمْ سَلَـٰمٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِى ٱلْجَٰهِلِينَ ﴾
[القصص: 55]
﴿ فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ ءَاثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴾
[الإنسان: 24]
﴿ وَذَرْنِى وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُو۟لِى ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ﴾
[المزمل: 11]
﴿ ذَرْنِى وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ ۖ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾
[القلم: 44]
أي: أترك أمرهم لي، فالله يتولى أمرهم.
﴿ فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ ۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ ﴾
[البقرة: 137]
﴿ إِنَّا كَفَيْنَـٰكَ ٱلْمُسْتَهْزِءِينَ ﴾
[الحجر: 95]
فالمسلمون لم يكونوا مأمورين بالقتال، ولكن أمروا بالعفو والصبر والصفح والإعراض.
ثانيًا: أمر النبي صلى الله عليه وسلم في بيعة العقبة
وكذلك في بيعة العقبة الثانية، عندما بايع الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم على نصرته، وكانوا سبعين رجلًا من أهل المدينة وامرأتان، استأمروا النبي صلى الله عليه وسلم في مقاتلة قريش يومئذ، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يكن مأمورًا بذلك، ولم يكن المسلمون مأمورين، فنهاهم عن ذلك صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا: الإذن بالقتال لاحقًا مع مراعاة المصلحة
وبعد صدور الإذن بالقتال، قال الله جل ثناؤه:
﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا۟ ۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾
[الحج: 39]
وهذا بعد بيعتي العقبة، وبيعة الأنصار على النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم — بيعة العقبة الأولى على الإسلام، والثانية على التوحيد والنصرة.
قال تعالى:
﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا۟ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلْءَاخِرَ ﴾
[الأحزاب: 21]
لكن مع الإذن بالقتال، ظلت مراعاة المصلحة معتبرة. فعندما طلب المشركون الصلح في الحديبية، أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم الشروط التي سألوها، ومن ذلك:
• ألا يُردّ من ذهب إلى مكة مرتدًا.
• أن يُرد من جاءهم مسلمًا من أهل مكة.
• ألا يعتمر المسلمون في ذلك العام.
وكانت شروطًا قاسية على المسلمين، ومع ذلك، تحمّلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمر المسلمين بالصبر.
رابعًا: حال بدر ومقارنة بالواقع اليوم
أما ما جرى في معركة بدر:
قتال 319 مسلمًا ضد ألف من المشركين، نعم، نصر الله المسلمين، وقد أنزل تعالى قبل أن يُنسخ فرض قتال الواحد للعشرة، ثم خفّف إلى الاثنين:
﴿ ٱلْـَٔـٰنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا۟ مِاْئَتَيْنِ ﴾
[الأنفال: 66]
وفي ذلك الزمان كانت الأسلحة متكافئة.
أما اليوم:
صفوف حركة حماس ليست 1 مقابل 2 ولا 1 مقابل 10، والأسلحة ليست متكافئة، والسلاح النووي ليس بحوزة حماس. فلو فرضنا أن حماس تملك صاروخًا نوويًا واحدًا، وإسرائيل تملك عشرة، كانت لها حينئذ حجة دينية في بدأهم بالقتال.
أما الآن فلو أرادت حماس الاستدلال بآية قبل النسخ، لم يكن لها وجه في ذلك، لأنها لا تملك لا العدد ولا العدة.
خامسًا: المفاسد الناتجة عن هذا القتال
إذا كانت حماس تنتسب إلى المرجعية الإسلامية وتعد نفسها حركة إسلامية، فقد بيّنا بأن فرض القتال مرفوع عنها بالنصوص الشرعية، والسنة النبوية، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
بل إن ذلك محرم تحريما بينا لما رأينا من مفسدة عظيمة:
• مذلة.
• اعتداءات خطيرة.
• قتل الأطفال.
• مجاعة وتشرد.
• تدمير وخراب.
• فقدان الأمن والأرواح.
• تهجير وترويع.
سادسًا: الندم والتوبة وتصحيح المسار
نحن نعلم بأن حماس نادمة على فعلتها، وأبواب التوبة مفتوحة، ولذلك لم نأت اليوم للتقريع، ولكن الواجب هو تصحيح المسار، وحل الإشكالات، ونقص عدد الخسائر، وإيجاد مخرج لهذه العوائل في غزة.
أيها الشباب المتحمس، أنقذوا أرواح أمهاتكم، وإخوانكم، وأبناء أهاليكم.
لا تتمسكوا بطريق آبائكم، فزمانهم غير زمانكم.
اسمعوا مني هذه الكلمات، وأشهد الله أنها حرص عليكم ومصلحة لبلدكم ونصرة للمظلومين.
سابعًا: وجوب التفريق بين المدني والمقاتل
أدين بأشد العبارات:
• التجويع.
• الحصار.
• القصف العشوائي.
الذي يتعرض له سكان غزة الذين لم يشاركوا في العملية العسكرية يوم 7 أكتوبر، وأعلنوا براءتهم منها، لذلك يجب:
• ضمان المساعدات لهم.
• تعويضهم.
• إعانتهم في السكن والمعيشة والعمل.
ثامنًا: الرد على استدلالات باطلة
• الآية:
﴿ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلْءَاخِرَةِ لِيَسُـُٔوا۟ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا۟ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾
[الإسراء: 7]
هذه ليست في المسلمين، بل الكفار مع بختنصر لما دخلوه على بني إسرائيل.
• الآية:
﴿ كَم مِّن فِئَةٍۢ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةًۭ كَثِيرَةًۭ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾
[البقرة: 249]
هذه نزلت في بني إسرائيل وكان معهم نبيهم، أما نحن فنبينا ترك فينا كتاب الله وسنة نبيه نحتكم اليهما ونأتمر بأمرهما.
﴿ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ ﴾
[التغابن: 16]
تاسعًا: الاعتماد على الحلفاء
اعلموا أن:
• إيران المشركة، عباد المزارات، المنافقون، لا يريدون إلا إلقاءكم إلى التهلكة.
• روسيا تهتم بمصلحتها قبل كل شيء، وتستفيد من الحرب لتشويه صورة الغرب.
• الشعوب العربية لاهية في الشهوات والمعازف وتحكمها القوانين الوضعية والحدود الوطنية.
عاشرًا: التحذير من الأوطان
فاعلموا أن الدولة الوطنية قضية خاسرة، والشعوب لم تتحرر من الحدود والقوانين الوضعية.
ومكة أولى بالتحرير من الأقصى، ومكة الآن تحت نظام وطني بعيد عن الدين الحنيف.
الحادي عشر: الحل المقترح
الحل المقترح هو طلب الأمان وتسليم السلاح للسلطة الفلسطينية أو للسلطة السورية أو غيرهم، وتسليم السلطة في قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، وهذا أقل الأضرار التي نراها، والله تعالى أعلم.
ثم الاشتغال بتعلم الدين، والتفقه فيه، والدعوة إلى الله على بصيرة، وفق المنهج النبوي، مع لزوم جماعة المسلمين ومبايعة إمامهم، وتحقيق الغاية من الخلق وهي توحيد الله وإقامة شرعه في الأرض، وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة.
وصلى الله وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الطيبين ورضي الله عن صحبه أجمعين.
المستقوي بالله
جماعة المسلمين
24 ذو القعدة 1446


تعليقات