تعلم السيرة من القرآن
- جماعة المسلمين وإمامهم

- 12 يوليو
- 8 دقيقة قراءة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والثناء على الله بما هو اهله والصلاة والسلام والبركة على نبيه وخير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعد، هذه أمثلة من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن.
خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابي جهل
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ [العلق : 9,10]
ذُكر أن هذه الآية وما بعدها نـزلت في أبي جهل بن هشام، وذلك أنه قال فيما بلغنا: لئن رأيت محمدا يصلي، لأطأنّ رقبته؛ وكان فيما ذُكر قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي، فقال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: أرأيت يا محمد أبا جهل الذي يَنْهاك أن تصلي عند المقام، وهو مُعرض عن الحقّ، مكذّب به. يُعجِّب جلّ ثناؤه نبيه والمؤمنين من جهل أبي جهل، وجراءته على ربه، في نهيه محمدا عن الصلاة لربه، وهو مع أياديه عنده مكذّب به.
أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ [العلق : 11]
القول في تأويل قوله تعالى : أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11)
يقول تعالى ذكره: ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ) محمد ( عَلَى الْهُدَى ) يعني: على استقامة وسَدَاد في صلاته لربه.
أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ [العلق : 12]
( أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى ) أو أمر محمد هذا الذي ينهي عن الصلاة، باتقاء الله، وخوف عقابه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى * أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى) قال محمد: كان على الهدى، وأمر بالتقوى.
القول في تأويل قوله تعالى : أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) .
يقول تعالى ذكره: ( أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ ) أبو جهل بالحق الذي بعث به محمدًا( وَتَوَلَّى ) يقول: وأدبر عنه، فلم يصدِّّق به.
القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14)
يقول تعالى ذكره: ألم يعلم أبو جهل إذ ينهى محمدا عن عبادة ربه، والصلاة له، بأن الله يراه فيخاف سطوته وعقابه.
كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ [العلق : 15]
وقوله: ( كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول: ليس كما قال: إنه يطأ عنق محمد، يقول: لا يقدر على ذلك، ولا يصل إليه.
قوله: ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ ) يقول: لئن لم ينته أبو جهل عن محمد .
( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) يقول: لنأخذنّ بمقدم رأسه، فلنضمنه ولنُذلنه؛ يقال منه: سفعت بيده: إذا أخذت بيده. وقيل: إنما قيل ( لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) والمعنى: لنسوّدنّ وجهه، فاكتفى بذكر الناصية من الوجه كله، إذ كانت الناصية في مقدم الوجه. وقيل: معنى ذلك: لنأخذنّ بناصيته إلى النار، كما قال: فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ .
نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ [العلق : 16]
وقوله: ( نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ) فخفض ناصية ردّا على الناصية الأولى بالتكرير، ووصف الناصية بالكذب والخطيئة، والمعنى لصاحبها.
فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ [العلق : 17]
وقوله: ( فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ) يقول تعالى ذكره: فليدع أبو جهل أهل مجلسه وأنصاره، من عشيرته وقومه، والنادي: هو المجلس.
وإنما قيل ذلك فيما بلغنا، لأن أبا جهل لما نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند المقام، انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغلظ له، فقال أبو جهل: علام يتوعدني محمد وأنا أكثر أهل الوادي ناديا؟ فقال الله جلّ ثناؤه: ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ) ، فليدع حينئذ ناديه، فإنه إن دعا ناديه، دعونا الزبانية.
سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ [العلق : 18]
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال: الملائكة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل: الزبانية أرجلهم في الأرض، ورءوسهم في السماء.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر عن قتادة، في قوله: ( سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " لَوْ فَعَلَ أبُو جَهْلٍ لأخَذَتْهُ الزَّبانِيَةُ المَلائِكَةُ عِيانًا ".
كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩ [العلق : 19]
وقوله: ( كُلا ) يقول تعالى ذكره: ليس الأمر كما يقول أبو جهل، إذ ينهي محمدًا عن عبادة ربه، والصلاة له ( لا تُطِعْهُ ) يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تُطع أبا جهل فيما أمرك به من ترك الصلاة لربك ( وَاسْجُدْ ) لِرَبّكَ( وَاقْتَرِبْ ) منه، بالتحبب إليه بطاعته، فإن أبا جهل لن يقدر على ضرّك، ونحن نمنعك منه.
خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الوليد بن المغيرة
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا [المدثر : 11]
وقوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: كِلْ يا محمد أمر الذي خلقته في بطن أمه وحيدًا، لا شيء له من مال ولا ولد إليّ.
وذُكر أنه عُنِي بذلك: الوليد بن المغيرة المخزومي.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا سفيان، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا يُونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، مولى زيد، عن سعيد بن جُبير أو عكرِمة، عن ابن عباس، قال: أنـزل الله في الوليد بن المغيرة قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) وقوله: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ... إلى آخرها.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) قال: خلقته وحده ليس معه مال ولا ولد.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن محمد بن شريك، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) قال: نـزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) وهو الوليد بن المغيرة، أخرجه الله من بطن أمه وحيدًا، لا مال له ولا ولد، فرزقه الله المال والولد، والثروة والنماء.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ... ) إلى قوله: إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ... حتى بلغ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ قال: هذه الآية أُنـزلت في الوليد بن المُغيرة.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا ) يعني الوليد بن المغيرة.
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَّمْدُودًا [المدثر : 12]وهو الكثير الممدود، عدده أو مساحته.
وَبَنِينَ شُهُودًا [المدثر : 13]
يقول تعالى ذكره: وجعلت له بنين شهودا، ذُكر أنهم كانوا عشرة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن أبيه، عن مجاهد ( وَبَنِينَ شُهُودًا ) قال: كان بنوه عشرة.
وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيدًا [المدثر : 14]
وقوله: ( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ) يقول تعالى ذكره: وبسطت له في العيش بسطًا.
كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان ( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ) قال: بسط له.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا ) قال: من المال والولد.
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ [المدثر : 15]
وقوله: ( ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ) يقول تعالى ذكره: ثم يأمل ويرجو أن أزيده من المال والولد على ما أعطيته ( كَلا ) يقول: ليس ذلك كما يأمل ويرجو من أن أزيده مالا وولدا، وتمهيدا في الدنيا( إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا ) يقول: إن هذا الذي خلقته وحيدا كان لآياتنا - وهي حجج الله على خلقه من الكتب والرسل - عنيدا، يعني معاندا للحقّ مجانبا له، كالبعير العنود
سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا [المدثر : 17]
وقوله: ( سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ) يقول تعالى ذكره: سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له منها.
وقيل: إن الصعود جبل في النار يكلَّفُ أهل النار صعوده.
إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ [المدثر : 18]
يقول تعالى ذكره: إن هذا الذي خلقته وحيدا، فكَّر فيما أنـزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن، وقدّر فيما يقول فيه ( فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ) يقول: ثم لعن كيف قدّر النازل فيه ( ثُمَّ نَظَرَ ) يقول: ثم روّى في ذلك ( ثُمَّ عَبَسَ ) يقول: ثم قبض ما بين عينيه ( وَبَسَرَ ) يقول: كلح وجهه
فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [المدثر : 19]
( فقتل كيف قدر ) يقول : ثم لعن كيف قدر النازل فيه
ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [المدثر : 20]
( فقتل كيف قدر ) يقول : ثم لعن كيف قدر النازل فيه
ثُمَّ نَظَرَ [المدثر : 21]
( ثم نظر ) يقول : ثم روى في ذلك
ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ [المدثر : 22]
( ثم عبس ) يقول : ثم قبض ما بين عينيه ( وبسر ) يقول : كلح وجهه
ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ [المدثر : 23]
وقوله : ( ثم أدبر واستكبر ) يقول تعالى ذكره : ثم ولى عن الإيمان والتصديق [ ص: 26 ] بما أنزل الله من كتابه ، واستكبر عن الإقرار بالحق
فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ [المدثر : 24]
حدثني محمد بن سعيد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( إنه فكر وقدر ) إلى ( ثم عبس وبسر ) قال : دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه ، يسأله عن القرآن ، فلما أخبره خرج على قريش فقال : يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة ، فوالله ما هو بشعر ، ولا بسحر ، ولا بهذي من الجنون ، وإن قوله لمن كلام الله ، فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا : والله لئن صبأ الوليد لتصبأن قريش ، فلما سمع بذلك أبو جهل قال : أنا والله أكفيكم شأنه ، فانطلق حتى دخل عليه بيته ، فقال للوليد : ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة قال : ألست أكثرهم مالا وولدا ؟ فقال له أبو جهل : [ ص: 25 ] يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه ، قال الوليد : أقد تحدثت به عشيرتي ، فلا يقصر عن سائر بني قصي ، لا أقرب أبا بكر ولا عمر ولا ابن أبي كبشة ، وما قوله إلا سحر يؤثر ، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم : ( ذرني ومن خلقت وحيدا ) إلى ( لا تبقي ولا تذر ) .
إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [المدثر : 25]
وقوله: ( إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ) يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل الوحيد في القرآن ( إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ ) ما هذا الذي يتلوه محمد إلا قول البشر، يقول: ما هو إلا كلام ابن آدم، وما هو بكلام الله.
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ [المدثر : 26]
يعني تعالى ذكره بقوله: ( سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ) سأورده بابا من أبواب جهنم اسمه سقر، ولم يُجرَّ سقر لأنه اسم من أسماء جهنم.
خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابي لهب
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد : 1]
القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه: تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)
يقول تعالى ذكره: خسرت يدا أبي لهب, وخسر
مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ [المسد : 2]
وقوله: ( مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ )
يقول تعالى ذكره: أيّ شيء أغنى عنه ماله, ودفع من سخط الله عليه ( وَمَا كَسَبَ ) وهم ولده.
سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ [المسد : 3]
وقوله: ( سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ )
يقول: سيصلى أبو لهب نارا ذات لهب.
وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد : 4]
وقوله: ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ )
يقول: سيصلى أبو لهب وامرأته حمالة الحطب, نارا ذات لهب.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, في قوله: ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) قال: كانت تحمل الشوك, فتطرحه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم, ليعقره وأصحابه, ويقال: ( حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) : نقالة للحديث.حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن عيسى بن يزيد, عن ابن إسحاق, عن يزيد بن زيد, وكان ألزم شيءٍ لمسروق, قال: لما نـزلت: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) بلغ امرأة أبي لهب أن النبي صلى الله عليه وسلم يهجوك, قالت: علام يهجوني ؟ هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا؟ ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) ؟ فمكثت, ثم أتته, فقالت: إن ربك قلاك وودعك', فأنـزل الله: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى .
فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ [المسد : 5]
وقوله ( فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) أي في عنقها.
وقيل: إن هذه السورة نـزلت في أبي لهب, لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما خص بالدعوة عشيرته, إذ نـزل عليه: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وجمعهم للدعاء, قال له أبو لهب: تبا لك سائر اليوم, ألهذا دعوتنا ؟
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن عمرو, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم الصفا, فقال: " يا صَباحاهُ!" فاجتمعت إليه قريش, فقالوا: مالك ؟ قال: " أرأيْتُكُمْ إنْ أخْبَرْتُكُمْ أنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أوْ مُمَسِّيكُمْ, أما كُنْتُمْ تُصَدقُونَنِي؟" قالوا: بلى, قال: " فإني نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ", فقال أبو لهب: تبا لك, ألهذا دعوتنا وجمعتنا ؟! فأنـزل الله: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ ) إلى آخرها .


تعليقات