الوسواس في الصلاة
- جماعة المسلمين وإمامهم

- 11 أكتوبر
- 3 دقيقة قراءة
السؤال :
كيف أستطيع الخشوع في صلاتي ؟*
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ◇ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ.
فما معنى الخشوع في الصلاة؟ وكيف يتحقق؟
--> روي بسنده عن العالم المفسر ابن عباس رضي الله عنه، قال خاشعون يعني: خائفون ساكنون.
و روي عن قتادة : الخشوع في القلب.
فهمنا من معنى الخشوع ان المسلم(ة) يجب ان يسكن في صلاته بقلبه وجوارحه؛ يستحضر قلبه في الصلاة تركيزا وتأملا فيما يفعل، و فهما لما يقول وتدبرا لمعانيه. فيتعلم تأويل السور التي يقرأ (الفاتحة وغيرها)، ويتعلم معنى التشهد و الأدعية والأذكار وكل ما يقال في الصلاة.
وإن شَوّش عليه الشيطان بالوسوسة فقد ارشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلاج ذلك:
روى مسلم عن عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال له خنـزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني". حديث صحيح
وليسكن بجوارحه فلا يتحرك الا للضرورة ويبقي بصره على موضع سجوده وليطمئن في كل صلاته من قراءة و قيام و ركوع و رفع من الركوع وسجود وجلوس كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليقتدي به في كل صلاته، فيطيل في كل ركعة أكثر مما بعدها قراءة وركوعا وسجودا (فلتراجع صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعلم كيف كان يصلي). وعلى المسلم(ة) الا يلتفت في صلاته فقد قال عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" وقال "فإذا صليتم، فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت"حديث صحيح.
فينبغي لك ان تستحضر ان صلاتك هي وقوف امام ربك ومولاك، وقوف امام ملك الملوك ذي الكبرياء والجبروت الذي يملك ما تريد وما تحذر، بيده ما تفكر فيه من دنياك، والله اكبر من كل ذلك الله اكبر من ان انشغل بدنيا فانية عن عبادته، فيُصلح المسلم(ة) صلاته ما استطاع، وليعلم انه قد يكون اخر وقوف له امام الله في الدنيا واخر صلاة له فليجتهد في دعائه بالادعية التي دعاه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالطريقة التي أمرنا بها، قال جل جلاله {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}.
=" تضرعًا " ، يقول: تذلُّلا واستكانة لطاعته
=" وخفية " ، يقول بخشوع قلوبكم، وصحة اليقين منكم بوحدانيته، فيما بينكم وبينه، لا جهارًا ومراءاةً.
وقال تعالى { وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}.
=" وادعوه خوفًا وطمعًا " ، يقول: وأخلصوا له الدعاء والعمل، ولا تشركوا في عملكم له شيئًا غيره من الآلهة والأنداد بشرا كان أو غير ذلك، وليكن ما يكون منكم في ذلك خوفًا من عقابه، وطمعًا في ثوابه.
وقال {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
فأوصي نفسي وإياكم يا جماعة الحق بالأخذ بأسباب الخشوع في الصلاة، و كإضافة لما تقدم:
1/ البعد عن كبائر الذنوب وصغائرها، فإنها تورث ظلمة القلب، وغفلته عن الله، كما تشوش على الذهن، وتشغل الفكر، وخاصة التعلق بالشهوات المحرمات.
2/ مجالسة أهل الجماعة الصالحين ومرافقتهم، والتعاون معهم على الخير، والبعد عن رفقاء السوء، وأصحاب المنكرات، فإن صحبتهم تعود على المرء بالوبال، وسوء المآل.
3/ الإكثار من ذكر الله، وطلب العلم تدريجيا وفق منهج الجماعة بدءا بالايمان والتوحيد وأدلته من الكتاب والسنة، فقه العبادة، اصول الفقه، التفسير واصوله ثم تعلم الحديث ذلك كله بالموازاة مع علوم اللغة العربية.
4/ العمل بما تعلمت والسعي الدائم الى تقوية الإيمان وتجديده.
5/تلاوة القرآن الكريم وحفظه بترتيب النزول، والقراءة به في الصلاة فإنها تلين القلب، وتورث الخشية فيه، وتجلب الخشوع.
6/ الإكثار من الالتجاء إلى الله أن يصرف حب الدنيا عن القلب، وأن يجعل الآخرة أحب إليك من الدنيا، وأن يجعلك من المؤمنين الخاشعين.
7/ التأمل في هذه الدنيا وقيمتها، ومعرفة أنها لا تزن عند الله جناح بعوضة، مما يعين على الزهد فيها، والرغبة في الآخرة التي تدعوك للخشوع.
8/ إسباغ الوضوء وتعلم أحكام الطهارة ونواقض الوضوء واركان الصلاة وسننها وشروطها ومبطلاتها.
9/ اختيار مكان هادئ لأداء الصلاة.
10/ اجتناب الأشرطة الدينية الخاصة بقومنا اهل الكتاب والاكتفاء بدروس الجماعة.
11/ الابتعاد عن اللغو وما لا ينبغي من الاقوال والافعال.
12/ استحضار قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " وتقديم الصلاة على ما سواها من الاشغال.
كل هذه الامور تعين على تقوية الإيمان الذي إن زاد زاد معه الخشوع، والإحسان ان تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك.
وفي الختام ، فإن أشد الوسواس يكون في بداية الطريق ، لأن الشيطان عندما يفقد السيطرة على اعمال واقوال الشخص ، ينحصر كيده في الوسواس، وهذا من فضل الله تعالى ومن معالم طريق الإسلام والحق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي صرف كيده الى الوسوسة.
والحمد لله رب العالمين
بقلم أخيكم أبي جاد وفقنا الله تعالى واياكم لكل خير.


تعليقات