الميتة الجاهلية

الميتة الجاهلية

السلام عليكم يا إمام أرجو أن تكون شفيت من عينيك. لقد إطلعت مؤخرا في كتاب شرح السنة للإمام البربهاري يقول ( ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين فهو خارجي، و قد شق عصا المسلمين . و خالف الآثار و ميتته ميتة جاهلية )

هل يقصد أن الخوارج كفار لأن ميتتهم جاهلية . و المعروف أن الخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي رضي الله عنه كانوا مسلمين و مقرين و ملتزمين بالبيعة و الإمامة و الجماعة و لم يفارقوا الجماعة، بل خرجوا و فارقوا أهل السنة و الجماعة و جزاكم الله خيرا ؟

وعليك السلام ورحمه الله وبركاته مرحبا يا ابا عمر الحمد لله يوجد تحسن اسال الله ان يديم علينا وعليكم الصحه والعافيه من الجيد انك قمت بالاطلاع على هذا الكتاب ويمكن لكل مسلم الاطلاع عليه والاستفاده منه مع التنبيه على مسائل وهي ذمه في الكتاب للقياس المقصود هو قياس الجهميه الذين ردوا الاحاديث بعقولهم ورايهم وردوا السنن زاعمين انها مخالفه للعقل فهذا هو القياس المذموم وليس المقصود الاجتهاد في الاحكام الفقهيه الذي اقره العلماء

المسألة الاخرى هي كلامه عن عدم الخروج على الامام فهو طبعا يقصد الامام الحاكم بما انزل الله وليس الطغاه الحاكمين بغير ما انزل الله كما هو حال حكام اليوم وفي هذا التنبيه على لزوم الجماعه جماعه المسلمين وامامهم

اما بخصوص قوله بان الامام اذا كان جهميا يصلى خلفه ويعيد الصلاه المقصود الامام الذي لم يثبت كفره في اقامه الحجه عليه والمعانده بعد بلوغ الحجه فانما يقصد الامام المسلم اما مع ثبوت الكفر فلا يقول بطاعة الامام الكافر الا اجهل الجاهلين

او ان يكون البربهاري لا يكفر الجهميه وهذا ممكن لانه عاش في القرن الرابع الذي فشى فيه الكذب فلا يؤمن على البربهاري وغيره ان يضل او يزل لان الحجه في الكتاب والسنه والاجماع وليس في قول احد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حجه هذا على فرض ثبوت الكتاب عنه وثبوت عدم تحريف اي جزء من اجزاء الكتاب

فالكتاب يقول ان بعض العلماء يكفر الجهميه ولم اذكر اني وقفت على نص صريح بتكفيرهم في هذا الكتاب

اما الخروج على امام المسلمين فهو محرم ولا شك وهو درجات من الخوارج امثال الذين خرجوا على الخليفه الثالث رضي الله عنه عثمان بن عفان وهؤلاء كانوا مسلمين ولكنهم جهال ولم يكفروا واكثرهم بايع علي رضي الله عنه بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ومن الخوارج قسم اخر امثال الخارجين على علي وهم الحروريه وهؤلاء القول الاصح فيهم انهم كفروا بعد قيام الحجة فقد قال صلى الله عليه وسلم عنهم انهم شر قتلى تحت اديم السماء وانهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميه وانه لو ادركهم قتلهم قتل ثمود وقد ذكر الامام الطبري رحمه الله عليه في كتاب التبصير في معالم الدين بان الخوارج الذين يكفرون بالكبيره ويبدلون بعض احكام الدين هم من الكفار لانهم مخالفون للحجج الخبريه القطعيه التي لا يسع من اقام بدار الاسلام جهلها

اما بخصوص قول النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الاحاديث ميته جاهليه فان هذا لا ينبغي ان يكون مصدر إشكال لان من الاحاديث القطعيه الثبوت والدلاله ما يدل على كفر تارك الجماعه كقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث وقوله صلى الله عليه وسلم عن الفرق انها كلها في النار الا واحده وهي الجماعه وقوله عليه الصلاه والسلام اذا لم يكن امام ولا جماعه تعتزل تلك الفرق كلها وقول الله عز وجل وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ففرق سبحانه بين صراطه المستقيم و بين السبل المتفرقه

وقال عز وجل كنتم خير امه اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله والامه هي الجماعه وقال عز وجل ولقد صدق عليهم ابليس ظنه فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين وهو جماعه المسلمين وماليس الجماعه فهو في النار وهو من اتباع ابليس وهي السبل المتفرقه وهي الفرق التي يجب اعتزالها وجماعه المسلمين هي خير أمة وهي الفرقه التي يجب لزومها وهي التي في الجنه وهي المتبعه للصراط المستقيم والمعتصمه بحبل الله

و يبين ذلك ايضا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبايعة من اقبل كي يدخل الى الاسلام وكل بدعه ضلاله وكل ضلاله في النار فلا يقبل دخول الاسلام الا بالصفة التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ما شرعه رب العالمين للعباد في كتابه وسنه نبيه صلى الله عليه وسلم فلا يقبل غيره ومن بايع فهو مع الجماعه ومن لم يبايع فهو كافر وليس مع الجماعه فتبين ان الجماعه هي حد ما بين الكفر والاسلام فمن كان مع الجماعه هو المسلم ومن لم يبايع الجماعه فهو الكافر

وهذا حتى لا يدخل التشويش من بعض الطوائف الضاله التي تقوم بتحريف المعاني وتاويلها والاحتجاج بما ليس بحجة.

وفي الاخير اود تذكير اهل الجماعه حفظهم الله باهميه وأولويه دراسة وتعلم كتاب الله عز وجل. فهذه مهمتنا الاولى والعظيمة والثقيلة اعاننا الله عليها ولا سهل الا ما سهله الله.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد