التدرج في الدعوة
- جماعة المسلمين وإمامهم

- 25 مايو
- 9 دقيقة قراءة
التدرج ضرورة حتمية من أجل قيام الدولة الإسلامية
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله،
أما بعد،
كثيرا ما نسمع الناس يتكلمون عن التدرج، فهل للتدرج حقيقة شرعية ؟ و ما هي حقيقة التدرج والمرحلية ؟ وما هي الغاية التي نتدرج من أجل الوصول إليها ؟
لا شك أن المطلع على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم و الصحابة رضوان الله عليهم سيعلم يقينا أن الشريعة الإسلامية جاء تنزيلها عبر مراحل إلى أن بلغت الكمال في آخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، حين أنزل الله تعالى قوله " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ". وفي الحديث النبوي " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ".
والأكيد، أن هذا الكمال و النصوع في أحكام الدين هو ثمرة عدة سنين من بدل أقصى الجهد لنشر الإسلام، والسير في طريق الدعوة، بثبات ويقين بموعود الله بالنصر و التمكين، لعباده المتقين، وبعظيم الجزاء للشهداء الأبرار المصطفين، الذين علموا أن أموالهم و أنفسهم هبة من رب العالمين، فبذلوها في سبيله شكرا لله على ما أعطاهم في الدنيا، فأبدلهم الله خيرا من أموالهم وأجسامهم وأزواجهم " جزاءا وفاقا " " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان " " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ".
كما تعلمون، فإن أول ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة العلق ، وهذا الأمر لا بد أن يأخذ قدرا من الأهمية في دعوتنا، لأن أفعال الله تعالى كلها صادرة عن حكمة بالغة، و عن علم كامل، و إحاطة تامة بشؤون الخلق. لذلك فلا بد للدعوة إلى الله أن تتبع معالم و آثار السيرة النبوية ذات التوجيه الرباني عن طريق الوحي المعصوم الذي ما ضل من اتبعه وما غوى ، و ما ينطق عن الهوى.
إننا نبدأ هاته البداية حتى يكون الأساس الذي تقوم عليه دعوتنا أساسا قرآنيا كالذي قامت عليه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم أول البعثة، ولأن المجتمع الذي نوجه إليه دعوتنا مجتمع جاهلي كما كان المجتمع القرشي في عهد النبوة مجتمعا جاهليا. ولأن كل علم طلبه الناس ودرسوه، فله مقدمات وقواعد وأصول، لا يستغنى عنها في إدراك ما انبنى عليها من المترتبات والمعاني. وعلى سبيل المثال، هل يمكن لمن لم يدرس العمليات الحسابية البسيطة من جمع وضرب وقسمة أن يحل معادلة أو تمرين في الرياضيات أو الفيزياء أو الكيمياء ؟ و هل يمكن لمن لم يدرس حروف الهجاء للغة ما أن يكتب نصا شعريا أو مقالة بتلك اللغة.
ولله المثل الأعلى، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فكيف لمن لم يعرف من هو الله أن يطيع رسول الله، و كيف لمن لم يعرف رسول الله أن يتبع أصحاب رسول الله وكيف لمن لم يعرف ما هي الجنة أن يعمل الأعمال التي تدخله إليها، ومن لم يعرف شيئا عن جهنم ، ما الذي سيدعوه لاجتنابها ، و من لم يعرف يوم الحساب ما الذي يمنعه من ظلم العباد ...
فالدين له أصول لا بد من تعلمها ولا يستقيم أمر المسلم إلا بها ، و أصل كل العلوم هو معرفة الله ، و قد بينت سورة العلق للمسلم أن له ربا قد خلق، وأنه هو الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم ، و أن إليه الرجعى، وأنه يرى، وأنه قوي لا يعجزه الطاغون، وأن له جندا من الزبانية يعملون بأمره، وأن أمره لا بد أن يطاع و لو أمر بخلافه الآمرون.
فقد بدأ الله بما يبدأ منه، فعرف العباد على خالقهم و أعلمهم أنهم راجعون إليه ليجازيهم بأعمالهم ، و أعلمهم أن طريق الرسالة هو طريق الهدى وأمرهم بالتقوى ، و حذرهم من سلوك طريق التكذيب والتولي.
وفي نزول هاته السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا من الحكم ما لا يحصيه إلا الله تعالى ، ففيها الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والرسل والقدر خيره وشره وفيها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك ، فاجتمع فيها الدين كله بإيمانه وإسلامه و إحسانه.
وهكذا استمر الوحي في النزول بكل حكمة وترتيب للأولويات وتدبير للوقائع والحادثات فكان الشرع يتعامل مع القدر المعاملة المناسبة المثالية التي تكون أسوة و سنة لكل الناس إلى يوم الحساب، وهكذا ينبغي للمسلم أن يكون، خلقه القرآن فيمثل الجماعة أحسن تمثيل، وتكون تصرفاته ومعاملاته تصريفا عمليا لمراد الله، وأن يسأل نفسه في كل قرار و اختيار، ما الذي يختاره الله لي، و ما الذي يأمرني به وما الذي يرضيه عني ؟
ومن الأدلة على التدرج الذي نتكلم عنه ما رواه البخاري عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت : إنما نزل أول ما نزل منه (أي القرآن) سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم وإني لجارية ألعب بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده.
ومن الأمثلة على ذلك، تحريم الخمر الذي كان بتدرج، وبمناسبة حوادث متعددة، فقد ورد أن أول ما نزل صريحاً في التنفير منها وتحريمها، قول الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [البقرة:219].
فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعضهم، وقالوا: نأخذ منفعتها، ونترك إثمها، فنزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43].
فتركها بعض الناس، وقالوا: لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشربها بعضهم في غير أوقات الصلاة حتى نزلت: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]. فصارت حراماً عليهم، حتى صار يقول بعضهم: ما حرم الله شيئاً أشد من الخمر.
وقد حرم الربا على مراحل،
المرحلة الأولى في سورة الروم وهي مكية، قال الله سبحانه وتعالى في هذه السورة: " وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ " ، وليس فيها تحريم، و إنما إخبار أن الربا لا يزيد وليس فيه ثواب، وفي مقابل ذلك ذكر الزيادة في الصدقة والبذل " وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ".
المرحلة الثانية، في سورة النساء وهي مدنية، في قوله تعالى عن بني إسرائيل " فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا " وفيه إشارة إلى مخالفة بني إسرائيل بأخذهم الربا وقد نهوا عنه، لكن الآية ليس فيها تحريم الربا على هذه الأمة.
الآية الثالثة في سورة آل عمران وهي مدنية، يقول الله تبارك وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " فنهى عباده المؤمنين عن تعاطي الربا وأكله أضعافا مضاعفة ، كما كانوا يفعلون في الجاهلية فإذا حل أجل الدين : إما أن يقضي وإما أن يربي ، فإن قضاه وإلا زاده في المدة وزاده الآخر في القدر ، وهكذا كل عام ، فربما تضاعف القليل حتى يصير كثيرا مضاعفا .
والآية الرابعة في القرآن الكريم، هي في سورة البقرة وهي أول ما نزل بالمدينة، لكن هذا ليس على إطلاقه، لأن بعض الآيات قد تنزل متأخرة عن عموم السورة، فنزل قول الله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ " وبهذه الآية تبين تحريم أخذ الربا على المؤمنين قليله وكثيره تحريما نهائيا، ولعن آكله وموكله وكاتبه وشاهداه.
ومن الأمثلة على التدرج فرض الله تعالى القتال عبر مراحل، فكان القتال محرما بمكة، ثم أذن الله للمسلمين فيه بالمدينة دفاعا عن النفس وردا للظلم، ثم صاروا بعد ذلك مأمورين بقتال من قاتلهم ورد الإعتداء بالإعتداء، ثم أمر الله تعالى المسلمين ببدء المشركين بالقتال حتى يسلموا وقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
كل هاته الأمثلة التي أوردناها إنما تدل على أن التدرج والمرحلية جزء لا يستغنى عنه من الشريعة و أن كمال الشريعة يتضمن اشتمالها على أحكام المرحلية.
...
لا شك أن الدين قد كمل، و أن المسلمين مأمورون بما استقر عليه التشريع من أحكام، كتحريم الربا وتحريم الخمر وتحريم الفواحش والعقوبة عليها، وإقامة الحدود والقصاص ووجوب الجهاد في سبيل الله حتى تكون كلمة الله هي العليا و يكون الدين كله لله، و يخرج الناس من عباة العباد إلى عبادة رب العباد، و من جور الأديان إلى عدل الإسلام، و من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة.
ولكن ! هل تتوفر الظروف الملائمة لجماعة المسلمين من أجل إقامة الحدود وتطبيق القصاص ؟ أم أن تطبيقه في الظرف الراهن يلحق ضررا جسيما بالدعوة وبأهل الجماعة القائمين عليها ؟؟ وهل الظروف ملائمة للجهاد في سبيل الله بالسيف ؟ بينما ليس للجماعة دار إسلام تأويهم وينطلقون منها لنشر التوحيد كما أمر الله ؟
لو كان في تطبيق الحدود وقتال الكفار منذ تأسيس الجماعة وبداية الدعوة، لو كان في ذلك مصلحة راجحة ، لأمر الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو خير الناس والمرسل إليهم والشهيد عليهم. بينما شرع الله عز وجل ذلك بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حيث بايعه الأنصار على الإسلام وعلى النصرة، وأن يمنعوه من الناس حتى يبلغ ما أرسله الله به.
والقواعد الشرعية المعملة في هذا الشأن، منها قوله تعالى " اتقوا الله ما استطعتم " و منها القاعدة الشرعية " ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ". و إذا كان الله عز وجل قد أمر المؤمنين فقال " أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه " وقال " كتب عليكم القصاص في القتلى " و قال " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " أي فرض عليكم، كما في قوله تعالى " كتب عليكم الصيام " أي فرض عليكم الصيام. فمن واجب كل فرد مسلم أن يقيم الدين ويقيم القصاص ويقاتل في سبيل الله، فإن لم يستطع ذلك على صورته الحقيقية، وجب عليه فعل الأسباب التي تؤدي إلى حصول هاته الأمور وأعظمها وأوجبها الدعوة إلى سبيل الله ولزوم الجماعة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : لَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا ، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلا كَانُوا مَعَكُمْ " . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ مُقِيمُونَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، قَدْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ " . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من حبسه العذر كأنه مشارك في الغزو، وقال الله تعالى " لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ " فإنهم وإن كانوا معذورين في عدم المشاركة في الغزو بشكل مباشر، إلا أنه لا عذر لهم في ترك الدعوة إلى الله ودلالة الناس على الخير، فإن فعلوا ذلك كانوا مشاركين لإخوانهم في غزواتهم وفتوحاتهم.
إن أولئك الذين يزعمون أن المجتمع يجب عليه تربية جيل على الأخلاق الإسلامية فيكون هو الحامل لهذا الدين، قد ذكر الله تعالى مثلهم في القرآن فقال " مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ " ، فهؤلاء لم يفقهوا منهج هذا الدين، و لم يفقهوا المعنى الشرعي للتدرج، أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به؟ لو كان التدرج كما زينته له شياطينهم ، فأين هو دليله من الكتاب والسنة ؟ هل اكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بإنشاء جيل يلبس الحجاب ويقرأ القرآن، أم كانوا هم ذلك الجيل الفريد الذي حمل على عاتقه مهمة التغيير و أعطى لمن يأتي بعده من الأجيال الأسوة في الجهاد والعلم والعمل في سبيل الله ؟ وما يدريك أن الجيل الذي سينشئه هؤلاء سينشئ هو الآخر الجيل الذي بعده، على تسويف العمل وتأجيله، ولن يحمل أحد منهم عبئ الدعوة إلى الله وجهاد العلم والكلمة في سبيله ؟ كما يقول المشركون " إنا وجدنا آبائنا على أمة و انا على آثارهم مهتدون ".
إن هذا القرآن لم يأت فقط ليحفظ في الصدور ويكتب في السطور، دون أن يترجم إلى واقع عملي، يواجه تحديات الحياة ويصحح المفاهيم المغلوطة، ويقذف على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق. فإن لم يقم المكلفون بأمر الله في كل حين ، فإنهم حتما سيتبعون الشيطان، فالحياة لا تتوقف ولا يزال المرء يمتحن فيها بالمواقف تلو المواقف، فإن لم يقل حقا قال باطلا ، و إن لم يعمل سنة عمل بدعة، و إن لم يجتنب الطاغوت عبدها، و إن لم يوحد الله كفر به. فهل سينتظر الآباء أبناءهم حتى يكبروا ويشبوا ويشيبوا ليعلموهم أن الديمقراطية والعلمانية والوطنية كفر ، ويعلموهم أن عليهم اعتزال الكفار وإلا كانوا أمثالهم وأولياءهم، ويعلموهم أنه لا إسلام إلا بجماعة وإمام وبيعة ؟؟؟
لا شك أن هذا السبيل انما هي سبيل التهلكة والضلال ، وليست من سبيل المؤمنين في شيء. فلم يكن المسلمون يعلمون أبنائهم القرآن دون أن يعملوا به ، و لم يكن المسلمون يوكلون إلى أبنائهم عمل ما عجزوا عنه هم، بل كانو يعطونهم الأسوة ويأمرونهم باتباع ما كان عليه آباءهم ويحذرونهم من مخالفة هديهم وسنتهم وطريقتهم. فشتان ما بين المنهجين والشريعتين، إنهما دينان مختلفان، اختلاف ما بين دين الإسلام ودين أهل الكتاب.
لقد كان المسلمون يتعلمون عشر آيات من القرآن لا يجاوزونها حتى يعملوا بما فيها، فتعلموا العلم والعمل جميعا وقد من الله تعالى علينا فرخص لنا أن نسأل أهل الكتاب إذ قال " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " فما كان لجماعة المسلمين و إمامهم إلمام به وكفاية في علمه، وجب عليهم العمل به والاكتفاء به، و ما لم تتحقق فيه الكفاية من العلوم فقد رخص الله للمؤمنين سؤال أهل الكتاب عنه، وبالتحديد فيما لا يخالف منهج وعقيدة الجماعة، وفي ما يحتاج إليه المسلمون كتعلم أحكام التجويد مثلا، وذلك إلى أن يمن الله على جماعة المسلمين بتحقيق الكفاية في هاته العلوم إن شاء الله.
أما في جانب توفير الكفائات والإمكانيات فإن الطريق إليها هو طريق الدعوة، فهناك من يقول يجب ان نربي طبيب مسلم ومهندس مسلم و عالم فيزياء مسلم ... لأنه لم يدرك جيدا المنهج الصحيح للإسلام ولعله يخلط بين الواقع المكي الذي نعيشه وبين ما كان عليه الحال في مجتمع المدينة المتحاكم إلى الشريعة، والذي يصح تسميته مجتمعا مسلما و تسمية داره دار الإسلام.
صحيح أننا نحتاج الى كفاءات وصناعات، لكن الدعوة هي الكفيلة في هاته المرحلة ، بتوفير الكفاءات والموارد التي يحتاجها المسلمون لإقامة المجتمع المسلم. علينا دعوة الناس جميعا إلى الإسلام، ومنهم الطبيب والمهندس والسياسي و الاقتصادي والمخترع. ولنا أسوة في النبي صلى الله عليه وسلم لنتعلم أن مصلحة الدعوة إلى الإسلام ، أعظم من مصلحة تعليم الناس ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون. فإنه عليه الصلاة والسلام ليس هو من لقن جيش الأنصار المهارات الحربية بل كانوا أهل حرب قبل أن يدعوهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، فلما أسلموا، مباشرة صار للمسلمين جيش مسلم. وهكذا الأمر بالنسبة للتاجر والفلاح والمستشار والخبير، الذين آمنوا بربهم و ناصروا الحق بأموالهم وأنفسهم وكفاءاتهم.
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما.
المستقوي بالله
جماعة المسلمين


تعليقات