التحذير من الدجال

التحذير من الدجال والتحصن من فتنته

إن العالم اليوم يشهد تغيرات كبيرة وأحداثًا متسارعة تذكرنا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن علامات الساعة. ومع ظهور العديد من العلامات الصغرى، يزداد يقيننا بقرب وقوع العلامات الكبرى التي تمهد لنهاية الدنيا. ومن أعظم هذه العلامات ظهور الدجال، الذي جعله الله فتنة عظيمة لا ينجو منها إلا من ثبت على الإيمان وتمسك بالحق. في هذا السياق، نلقي الضوء على خطورة هذه الفتنة وسبل النجاة منها استنادًا إلى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الدجال من أعظم الفتن التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يمثل تحديًا كبيرًا لإيمان الناس في آخر الزمان. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:

"ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال" رواه مسلم.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض" رواه مسلم.

من عظيم رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته أنه حذرنا من الدجال وأوصانا بالابتعاد عنه لما يحمله من فتن وشبهات.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال.: "من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات" رواه أبو داود.

وعن أم شريك أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

"ليفِرن الناس من الدجال في الجبال" قالت أم شريك: يا رسول الله فأين العرب يومئذ؟ قال: "هم قليل" رواه مسلم.

وفي حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير الناس أو من خيار الناس فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه. فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا. فيقتله ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم. فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه" رواه البخاري ومسلم.

النبي صلى الله عليه وسلم بين وسائل التحصن من فتنة الدجال وأوصى بها أمته، ومنها قراءة سورة الكهف. قال صلى الله عليه وسلم:

"من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال" رواه مسلم.

كما أن المدينة ومكة محميتان من الدجال. قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسها، فينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يخرج إليه منها كل كافر ومنافق" رواه البخاري ومسلم.

علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعو الله أن ينجينا من فتنة الدجال، وهو دعاء المسلم في كل صلاة بعد التشهد الأخير وقبل التسليم. قال صلى الله عليه وسلم: "إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال" رواه مسلم.

قال صلى الله عليه وسلم:

"إن الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، وربكم ليس بأعور" رواه البخاري ومسلم.

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر" رواه البخاري ومسلم.

ذكر النبي صلى الله عليه وسلم للدجال خبرا مفصلا عن الدجال وذكر مقتله على يد نبي الله عيسى عليه السلام.

عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ، قَالَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ : " مَا شَأْنُكُمْ ؟ " قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ. فَقَالَ : " غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِنَّهُ شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خَارِجٌ خَلَّةً بَيْنَ الشَّأْمِ وَالْعِرَاقِ، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالًا، يَا عِبَادَ اللَّهِ، فَاثْبُتُوا ". قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : " أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ ". قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ : " لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ". قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ : " كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًى ، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ، لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ، فَيَقُولُ لَهَا : أَخْرِجِي كُنُوزَكِ. فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ، فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ ، رَمْيَةَ الْغَرَضِ ، ثُمَّ يَدْعُوهُ، فَيُقْبِلُ، وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ يَضْحَكُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ، وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الْجَنَّةِ. رواه مسلم

وفي الختام فإن الدجال هو طاغوت يعبد من دون الله، وفتنته عظيمة وخطيرة، يتبعه خلق كثير يصدقونه ويشركون بالله، كلهم بلا شك من أهل النار، فلا نجاة يا إخواني من الدجال إلا بالتمسك بدين الله والابتعاد عن الفتن والشبهات، والتزام الدعاء والتحصن بما أوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم. نسأل الله أن يثبتنا على الإيمان وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.