أولاد المشركين
- جماعة المسلمين وإمامهم

- 22 يونيو
- 5 دقيقة قراءة
القول في أولاد المشركين
هم في أحكام الدنيا على دين آباءهم لا يصلى عليهم ولا يرثون المسلمين.
الأم للشافعي - كتاب اللقيط
سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الصَّبِيِّ يُسْبَى وَأَبُوهُ كَافِرٌ وَقَعَا فِي سَهْمِ رَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ، وَهُوَ كَافِرٌ ثُمَّ مَاتَ الْغُلَامُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ عَلَى دِينِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ بِالْإِسْلَامِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَوْلَاهُ أَوْلَى مِنْ أَبِيهِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ وَخَرَجَ أَبُوهُ مُسْتَأْمَنًا لَكَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ إذَا لَمْ يُسْبَ مَعَهُ أَبُوهُ صَارَ مُسْلِمًا لَيْسَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ أَبِيهِ إذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ، وَهُوَ يَنْقُضُ قَوْلَ الْأَوْزَاعِيِّ إنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُبْتَاعَ السَّبْيُ وَيُرَدَّ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فِي مَسْأَلَةٍ قَبْلَ هَذَا فَالْقَوْلُ فِي هَذَا مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إذَا كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ عَلَى دِينِهِ حَتَّى يُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ مُسْلِمٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): «سَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَذَرَارِيِّهِمْ فَبَاعَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَاشْتَرَى أَبُو الشَّحْمِ الْيَهُودِيُّ أَهْلَ بِنْتِ عَجُوزٍ وَلَدَهَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا بَقِيَ مِنْ السَّبَايَا أَثْلَاثًا ثُلُثًا إلَى تِهَامَةَ وَثُلُثًا إلَى نَجْدٍ وَثُلُثًا إلَى طَرِيقِ الشَّامِ» فَبِيعُوا بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالْإِبِلِ وَالْمَالِ، وَفِيهِمْ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ هَذَا أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَجْلِ أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَطْفَالِ مَعَهُمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَطْفَالِ مَنْ لَا أُمَّ لَهُ، فَإِذَا سُبُوا مَعَ أُمَّهَاتِهِمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ سُبُوا مَعَ آبَائِهِمْ، وَلَوْ مَاتَ أُمَّهَاتُهُمْ وَآبَاؤُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغُوا فَيَصِفُوا الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ لَنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَى دَيْنِ الْأُمَّهَاتِ وَالْآبَاءِ إذَا كَانَ النِّسَاءُ بَلْغًا فَلَنَا بَيْعُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ أُمَّهَاتِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّا قَدْ حَكَمْنَا عَلَيْهِمْ بِأَنَّ حُكْمَ الشِّرْكِ ثَابِتٌ عَلَيْهِمْ إذَا تَرَكْنَا الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ كَمَا حَكَمْنَا بِهِ وَهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ إذَا لَزِمَهُمْ حُكْمُ الشِّرْكِ كَانَ لَنَا بَيْعُهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ
حكمهم في الآخرة علمه عند الله تعالى هو أعلم بما كانوا عاملين.
غريب الحديث - ابن قتيبة
كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو ينصرَانِهِ كَمَا تناتج الْإِبِل من بَهِيمَة جَمْعَاء هَل نحس من جَدْعَاء قَالُوا يَا رَسُول الله أَفَرَأَيْت من يَمُوت وَهُوَ صَغِير قَالَ الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين
حَدَّثَنِيهِ أبي حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد يَعْنِي ابْن عبد العزيز عَن القعْنبِي عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة
أما قَوْله كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة فَإِنَّهُ يُرِيد أَنه يُولد على الْإِقْرَار بِاللَّه وَهُوَ الْمِيثَاق الَّذِي أَخذه الله عَلَيْهِم حِين أخرجهم من ظهر آدم أَمْثَال الدّرّ {وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} فَالنَّاس جَمِيعًا وَإِن اخْتلفُوا فِي أديانهم ونحلهم عالمون بِأَن الله عز وَجل خالقهم والفطرة ابْتِدَاء الْخلقَة وَمِنْه قَول الله تَعَالَى {الْحَمد لله فاطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض} أَي مبتدئهما وَقد بيّنت هَذَا فِي كتاب إصْلَاح الْغَلَط بِأَكْثَرَ من هَذَا الْبَيَان
وَمثله فِي كتاب الله جلّ وَعز {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم}
يُرِيد أَن الله جلّ وَعز فطر النَّاس على مَعْرفَته لَا تَبْدِيل لخلق الله أَي لهَذَا من دين الله
والبهيمة الجمعاء هِيَ السليمة سميت بذلك لِاجْتِمَاع السَّلامَة لَهَا فِي أعضائها
وَلَا أَحْسبهُ قيل للبكر يدْخل بهَا زَوجهَا دخل عَلَيْهَا يجمع إِلَّا من هَذَا يُرَاد أَنه دخل بهَا وَهِي سليمَة وَشبه الْمَوْلُود حِين يُولد فِي سَلَامَته من الْكفْر بهَا ثمَّ يهود الْيَهُود أَبْنَاءَهُم وينصر النَّصَارَى أَبْنَاءَهُم أَي يعلمونهم ذَلِك كَمَا كَانَت الْجَاهِلِيَّة تقطع آذان الْبَهَائِم السليمة وتفقأ عيونها وَأما سُؤَالهمْ إِيَّاه عَن الصَّغِير مِنْهُم يَمُوت فَإِنَّهُم أَرَادوا أَن يعلمُوا مَاذَا ينسبونهم إِلَيْهِ من كفر أَو إِيمَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين لَو أبقاهم
يُرِيد فَلَا تحكموا عَلَيْهِم بِكفْر آبَائِهِم إِذا لم يبلغُوا فيكفروا وَلَا تحكموا عَلَيْهِم بميثاق الْفطْرَة الَّتِي ولدُوا عَلَيْهَا لأَنهم لم يبلغُوا فيؤمنوا
٦٢ - وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّهُم سَأَلُوهُ عَن بني عَامر بن صعصعة فَقَالَ جمل أَزْهَر متفاج يتَنَاوَل من أَطْرَاف الشّجر وسألوه عَن غطفان فَقَالَ
كتاب إصلاح غلط أبي عبيد في غريب الحديث - لإبن قتيبة
قال أبو عبيد : كأنَّه يذهب إلى أنَّه لو كان يولد على الفِطْرة ثم مات قبل أنْ يُهَوِّده أبَواه أو يُنَصِّرانه ما ورثهما ولا ورثاه. لأنَّه مُسْلم وهما كافران. وكذلك ما كان يجوز أنْ يُسْبى. فلمّا نزلَت الفرائض وجَرت السُّنن بخلاف ذلك عُلِمَ أنَّه يُولَد على دينهما. قال: وأمّا عبد الله بن المبارك، فإنَّه بلَغَني أنَّه سُئِلَ عن تأْويل هذا الحديث فقال: تأويلُه، الحديثُ الآخر، أنَّ النَّبي - صلّى الله عليه وسلَّم -: "سُئِل عن أطْفال المشركين فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين."
قال أبو عبيد: يذهب إلى أنَّهم يولدون على ما يصيرون إليه من إسلام أو كُفْر. فمن كان في عِلْم الله أنَّه يصير مُسْلمًا فإنَّه يولد على الفِطْرة . ومن كان في عِلْمه أنَّه يموت كافرًا وُلدَ على ذلك.
قال: وممّا يُشْبِه هذا الحديث، حديثُه الآخر: أنَّه قال: يقول الله عزَّ وجلّ: {إني خلقْتُ عبادي جميعًا حُنَفاء، فاجْتالَتْهم الشياطين عن دِينهم. وجعلَت نحْلتهم من رِزْق، فهو لهم حلال، فحرَّم عليهم الشياطين ما أحلَلْتُ لهم".
قال: يريد البحائر والسيّب. هذا قول أبي عبيد. قال أبو محمد: ولم أرَ ما حكاه أبو عبيد عن عبد الله بن مبارك، ومحمد بن الحسن مُقْنِعًا لمن أراد أنْ يعرف معنى الحديث. لأنَّهما لم يَزيدا على أنْ ردَّا على مَنْ قال به من أهل القَدَر.
والحديثُ صحيحُ لا يُدْفَع، ولايجوز أنْ يكون منسوخًا. لأنَّه خَبرٌ والنسخُ إنّما يَقَعُ في الأمر والنَّهْي. ولا يجوز أنْ يُراد به بعض المولودين دون بعض، لأنَّ مَخْرجه مخرج العموم. ولا أرىَ معنى الحديث إلّا ما ذَهَب إليه حمّاد بن سَلَمة، فإِنَّه قال فيه: هذا عندنا حيث أخذ العهد عليهم في أصلاب آبائهم.
ذكره الحجّاج عنه، يريد حين مَسَح الله ظهر آدم عليه السلام فأخرج من ذُريّته إلى يوم القيامة، أمثال الذرّ. "وأشْهَدَهُم على أنْفُسِهم، ألَستُ بربّكم؟ قالوا بلَى" . فلست واجدًا أحدًا إلّا وهو مُقرّ
بأنَّ له صانعًا ومدبّرًا. وإنْ سمّاه بغير اسمه، أو عَبدَ شيئًا دونه ليقرّبه منه عند نَفسه أو وصفه بغير صِفَته أو أضاف إليه ما تعالى عنه علوًّا كبيرًا.
قال الله --عزَّ وجلَّ-- : {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.
فأراد -عليه السلام-: أنَّ كلّ مولود في العالم على ذلك العَهْد وعلى ذلك الإِقْرار الأول، وهو الفِطْرة، ومعنَى الفِطْرة: ابتداء الخلقة ومنه قول الله -عزَّ وجلَّ-: {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.
أي: مبتدئهما، وهي الحنيفيّة التي وَقعَت لأوَّل الخَلْق وجَرت في فَطْر العقول. ثم يُهَوِّدُ اليهود أبناءهم، ويمجّس المجوسُ أبناءهم أي: يعلّمونهم ذلك، وليس الإِقْرار الأول ممّا يقع به حكم أو عليه ثَواب. ألا ترىَ أنَّ الطّفْل من أطْفال المشركين ما كان بين أبَوْيه فهو محكوم عليه بدينهما لا يصلّى عليه إنْ مات. ثم يخرج عن كنفهما إلى مالك من المسلمين فيحكم عليه بدِين مالكه ويُصَلَّى عليه إنْ مات. ومن وراء ذلك علم الله فيه.
ويُرْوىَ عن الأوزاعي أيضًا في تفسير هذا الحديث شبيه بقول حمّاد بن سَلَمة، وفرق ما بيْنَنا وبين أهل القَدَر في هذا
الحديث، إنَّ الفِطْرة عندهم الإِسلام. وإليه ذَهَب أبو عبيد ومَنْ سأله عنه، فاضْطَرب عليهم الأمر وعَسُرَ الَمخْرج.
والفِطْرهُّ عندنا، الإِقْرار بالله والمعرفة به، لا الاسلام.
* * *
القول في أولاد المسلمين
قيل هم مع المسلمين في الجنة
جامع البيان - للطبري
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: (والَّذين آمَنُوا وأتْبَعْناهُم ذُرّيَّاتِهِمْ بإيمانٍ أَلْحَقْنَا بهم ذرّيَّاتِهِمْ) قال: أدرك أبناؤهم الأعمال التي عملوا, فاتبعوهم عليها واتبعتهم ذرّياتهم التي لم يدركوا الأعمال, فقال الله جلّ ثناؤه ( وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) قال: يقول: لم نظلمهم من عملهم من شيء فننقصهم, فنعطيه ذرّياتهم الذين ألحقناهم بهم, الذين لم يبلغوا الأعمال ألحقتهم بالذين قد بلغوا الأعمال.
ودل الحديث على أن لا يحكم على معين منهم بالجنة ولا بالنار
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ : دُعِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَنَازَةِ صَبِيٍّ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، طُوبَى لِهَذَا عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ، لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ. قَالَ : " أَوَغَيْرَ ذَلِكِ يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ، وَخَلَقَ لِلنَّارِ أَهْلًا، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ".
(... ) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ح وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ ح وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ، بِإِسْنَادِ وَكِيعٍ، نَحْوَ حَدِيثِهِ.


تعليقات